الاثنين، 23 مايو 2011

الليبرالية المتوحشة والعمالة العربية
يقصد بالليبرالية : ذلك المذهب الذي يضع الفرد في مكانة مطلقة أعلى من الجماعة , ويعطي الأولوية للمصالح الفردية على المصالح الاجتماعية , الأمر الذي يتجلى في إيمانه المطلق بالحريات الفردية , ولهذا يستخدم مصطلح المذهب الفردي كبديل لمصطلح الليبرالية .ويعتقد أنصار هذا المذهب , أن مصلحة المجتمع ماهي إلا مجرد تجميع حسابي للمصالح الفردية فقد وقفت الليبرالية منذ ظهورها ضد تدخل الدولة في المجال الاقتصادي والاجتماعي وطالبت بأن تكون الحكومة مجرد حارس للحريات الفردية لتردع أي اعتداء عليها. صعدت الليبرالية المتوحشة وهي عبارة عن رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية هدفها الرئيسي الدفاع الأعمى عن مصالح رؤوس الأموال إلى حد القول بأن حق الملكية له الأولوية على أية حقوق عامة أخرى بما فيها حق الحياة (هذا ما يبرر للرأسمالية الأمريكية بقتل مليون مواطن عراقي ). فعلى الرغم من الازدهار الذي حققته الليبرالية في الاستثمار والتقدم التقني الناجم عن الثورة العلمية والتكنولوجية إلا أن تأثير هذه السياسات على الطبقة الوسطى في البلاد المتقدمة كما أشار البروفيسور فريدرك ستر وبل أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي للطبقة الوسطى حيث يمكن رصد ثلاثة عوامل جوهرية وهي : 1-انخفاض الأجور . 2- فقدان فرص العمل وزيادة معدل البطالة . 3- زيادة الأعباء المالية التي تتحملها هذه الطبقة. وما يهمنا هنا هي حالة البلدان النامية : كان الوزن الاجتماعي للطبقة الوسطى في هذه البلدان هزيلا حيث كانت هذه البلاد مجرد مستعمرات أو أشباه مستعمرات أو بلاد تابعة .فقد حرص المستعمر على سد الطريق أمام نمو وتطور هذه الطبقة , خوفا من دور لها في محاربة الاستعمار ودعم حركات التحرر الوطني . وقد اعتمد المستعمر في مناهضة نمو هذه الطبقة على محاربة التعليم وعلى احتكاره للمواقع الهامة في الإدارات الحكومية وفي قطاع الخدمات ( البنوك وشركات التأمين والنقل والتجارة ) ملاحظـــــــــــــــــة ( ألم يخطر في بال السوري السؤال التالي : لماذا سحب معظم التجار ورجال الأعمال المرتبطون بدول خليجية رؤوس أموالهم من البنوك في بداية الأزمة القائمة الآن).في حين كان العديد من أفراد هذه الطبقة يعمل تحت رئاسة المستعمر والقوى المتحالفة معه وهي الشريحة التي يطلق عليها مصطلح " الكومبرادور " والتي أصبحت مصالحها مرتبطة مع مصالح الأجنبي أكثر من ارتباطها بمصالح بلدها . وأظن المشهد واضح وجلي في البلدان العربية مع التذكير أن سوريا متحررة من التبعية الاقتصادية والسياسية ........... الخ والسؤال الظروف التي أدت إلى ظهورا لليبرالية في البلدان النامية وأثرها في تدهور وانحطاط الطبقة الوسطى فعلى المستوى الدولي التدهور بدأت ملامحه في بداية السبعينات الذي أدى إلى عجز موازين مدفوعات هذه البلاد أو ما يسمى المديونية الخارجية بسبب : ارتفاع أسعار السلع التي تستوردها البلاد النامية مثل السلع الاستهلاكية والطاقة والخدمات الدولية ( النقل البحري والجوي والتأمين ) وتدهور أسعار الصادرات من المواد الخام وحلول كثير من المواد التعليقية مكان المواد الخام الطبيعية , وتدهور شروط التبادل التجاري , كذلك المعاناة التي تحملتها البلدان النامية جراء انتهاء عصر ثبات أسعار الصرف حينما تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن قابلية تحويل الدولار إلى ذهب , بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة على القروض الخارجية التي حصلت عليها هذه البلدان والذي أدى إلى إرهاق مالي شديد عند تسديد هذه القروض وهذا أدى إلى ضآلة حصص هذه البلاد في رؤوس أموال المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي وهذا أدى بدوره إلى إضعاف تأثيرها في إدارة وتوجيه هذه المنظمات , وكذلك تدهور في حجم المعونات التي تقدمها البلدان الصناعية إلى البلدان النامية بسبب فلسفة هذه المعونات , وكذلك أحجام هائلة من الموارد التي خسرتها البلاد النامية جراء التسليح والتكنولوجيا الحديثة وهجرة العقول وهروب الأموال للاستثمار في اقتصاديات البلدان الصناعية . وحينما عجز النظام القائم على مواجهة الأزمة فإنه لا يجد سبيل أمامه سوى طرق أبواب باريس ولندن لإعادة جدولة ديونه. أم على المستوى المحلي : اتساع الفجوة للموارد المحلية ( بين معدل الاستثمار والادخار المحلي ) والعجز المتواصل للموازنة العامة واختلال النمو بين القطاعات المختلفة وفشل أنماط التصنيع وفي ظل الزيادة السكانية واستمرار حالة الركود أو بطء النمو وتفاقم الضغوط الخارجية الناجمة عن المديونية الخارجية أدت إلى تناقص فرص التوظيف وعدم القدرة على تمويل الخدمات ذات الطابع الاجتماعي وهذا أدى إلى تدهور المستوى المعيشي لمعظم السكان. وفي النهاية يمكن القول أن شعار الليبرالية \ السوق هي الخير والدولة هي الشر \. الموضوع متشعب وواسع أتمنى أن أكون وفقّت بإعطاء فكرة مختصرة عن موضوع المدونة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق